ترندات

فيلم الجنون والقبح والجمال

فيلم الجنون والقبح والجمال.. فيلم “رجل مختلف” (A Different Man) من إخراج آرون شيمبرغ وبطولة آدم بيرسون وسيباستيان ستان، ويعد من هذه الأعمال التي تثير تساؤلات عميقة لدى المشاهد حول الوحدة والعلاقات الاجتماعية والعزلة والجمال -بمعانيه المختلفة- سواء المتداول أو المثالي.

وتتناول الأحداث هذه القضايا في سياق عالمنا الحديث، الذي يدفع الأفراد للبحث المستمر عن الكمال الشكلي، بعد أن فرضت الصور المثالية التي يقدمها الفنانون والمؤثرون ضغوطًا هائلة على الإنسان العادي. ولقد أدخلت هذه المعايير المتغيرة بشكل مستمر الناس في سباق لا ينتهي للوصول إلى جمال مثالي، مما حول وجوه البشر إلى ساحات تجارب لا تهدأ.

 

فيلم الجنون والتقلبات

يدور الفيلم حول إدوارد “ستان” الذي يلعب دور ممثل مغمور يعاني من مرض الورم العصبي الليفي، وتقتصر أدواره على مقاطع فيديو تعريفية بمرضه في مكان عمله. ويظهر ستان بوجه مليء بالأورام الليفية التي تؤثر على شكله بالإضافة إلى تأثيرها على طريقة نطقه التي تبدو متقطعة وغير طبيعية إلى حد كبير. ويعيش وحيدا بشقة صغيرة في نيويورك الصاخبة، بلا أصدقاء ولا علاقات اجتماعية.

ويسلط المخرج الضوء على تفاصيل صغيرة تعزز عزلته ووحدته، مثل ثقب السقف الذي يسرب المياه إلى أرضية شقته، لكنه لا يكترث لأمره ولا يهتم لإصلاحه، ويضع طبقا صغيرا أسفل نقاط الماء، كأن الأمر لا يعنيه كما لو كانت حياته مجرد محطة مؤقتة لا تخصه ولا يقيم بها.

ويفرض الوجه المشوه على إدوارد عزلة لا يستطيع تجاوزها، رغم أنه يعمل في تصوير فيديوهات تعريفية بمرضه تساعد على قبول ودمج الذين يعانون من تشوهات الوجه بالمجتمع، لكن واقعه أكثر تعقيدا وصعوبة من مقاطع الفيديو التي يؤديها. ويجد البطل فرصة طبية يتطوع فيها لتجريب علاج يخفي تشوهاته، ولا يتردد في المشاركة بها، وتنجح التجربة بالفعل ويظهر بوجه جميل وباسم جديد “جاي” ليعيش حياة جديدة مليئة بالثراء والمتعة، لكنه لا يشعر بالسعادة ويبقى سجين عزلته الداخلية.

 

الجمال ليس كافيا

منتصف الفيلم، وبينما يترقب الجمهور اللحظة التي يصل فيها “جاي” إلى الرضا والسعادة، يظهر “آدم بيرسون” في دور “أوزوالد” الذي يعاني من تشوه في الوجه يشبه تمامًا وجه “جاي” القديم. لكنه يعيش حياة طبيعية مليئة بالحيوية والانفتاح، فهو شخصية ساخرة ومحبوبة وموهوبة في العديد من المجالات. وفي هذه اللحظة، يدرك المشاهد أن العزلة والانفصال عن العالم غالبًا ما تنبع من أعماق الإنسان نفسه، لا من مظهره الخارجي. فالمقارنة المستمرة بحياة الآخرين، سواء من حيث الجمال أو المال، تزرع شعورًا دائمًا بعدم الرضا، وتغرق الإنسان في دوامة من المعاناة.

 

ويرى “جاي” سنواته السابقة قبل أن يصبح وسيماً، وكأنها فترة ضائعة تمامًا من حياته. لكن حين يلاحظ انفتاح “أوزوالد” على العالم رغم اختلافه، يبدأ في استيعاب قيمة قبول الذات. ومن خلال أحداث الفيلم، يواصل المخرج إبراز أهمية التصالح مع الاختلاف، مسلطًا الضوء على العلاقة بين الطريقة التي يرى بها الإنسان نفسه والطريقة التي يراه بها العالم. وتؤكد الحبكة تؤكد أن العالم يعكس نظرتنا لأنفسنا، وأن قبول الذات مفتاح الانفتاح على الحياة.

التشوه بين الواقع والسينما

في حوار له مع مجلة “جي كيو” أشار الممثل آدم بيرسون -الذي يعاني بالفعل من الورم العصبي الليفي إلى أنه أجرى حوارات مطولة مع ستان لمساعدته للدخول إلى الحالة الذهنية الملائمة للشخصية، حيث أجاب عن أسئلة ستان المتعلقة بكيفية الحياة الحقيقية مع التشوه والإعاقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى